خزانة الأديب :
(وقفات سلوكية في شهر رمضان المبارك ) الشيخ وائل عبد المطلب : وإذا أكلنا
إن الناظر في أحوال الناس في هذا الشهر الكريم يجد خصلة وسلوك ذميم لدى كثير من الناس إلا من رحم الله وهو الإسراف في الطعام و الشراب في هذا الشهر الفضيل حيث إن كميات الأطعمة التي تستخدمها كل أسرة في رمضان أكثر منها في أي شهر من شهور السنة! إلا من رحم الله وربما يستدين البعض من أجل هذا وكأن رمضان شرع للطعام وليس للصيام فنقوم بملأ بطوننا فنثقل عن العبادة بعد ذلك ونخلد إلى النوم والراحة ولا نذهب لإداء صلاة العشاء والقيام في المسجد وإن ذهبنا طالبنا الإمام بالتخفيف والمرأة كذلك تقضي معظم ساعات النهار داخل المطبخ لإعداد ألوان الأطعمة وأصناف المشروبات!! والنتيجة ضياع رمضان في الطعام والشراب والنوم والراحة.
والإسلام يعلمنا الاعتدال في كل شيء يقول النبي صلى الله عليه وسلّم: "ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولا بد فاعلاً فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" رواه أحمد، ويقول الدكتور الأمريكي ماك فادون في حوار له كانت قد أجرته معه إحدى المجلات العلمية الأمريكية: لقد عالجت كثيرا من الأمراض عن طريق الصوم.. إن كل إنسان يحتاج إلى الصيام وإن لم يكن مريضاً، لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض، فتثقله وتقلل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه بعد أن كانت مجتمعة فتذهب عنه، حيث يصفو صفاءً تاماً، ويستطيع بعدئذ أن يسترد وزنه ويجدد حيويته في مدة لا تزيد على العشرين يوماً بعد الإفطار، ولكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل.
إن في الجوع والظمأ وهجر الشهوات على وجه العبودية لله تعالى وذلك بالصيام طهرا لقلوبنا وصفاءً لأرواحنا فالصوم يمد الروح بالشفافية والصفاء والإشراق والقرب من الله تعالى فيذوق المسلم حلاوة العبادة ويشعر أنه قريب من ربه فلا ينبغي للمسلم أن يضيع هذه اللذة الروحية الإيمانية الكبرى التي تحصل له بتقليل الطعام والشراب بالإسراف في تناول الطعام والشراب في هذا الشهر الفضيل فالإسراف خصلة ذميمة يجب البعد عنها خاصة في شهر رمضان يقول الله تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" الأعراف: 31، ولعل صيام رمضان فرصة للتخلص من عادات الأكل الكثير أو التدخين والبعد عن مظاهر الترف والمقصود الاعتدال وإلا فنحن لا نحرم طيبات ما أحل الله لعباده.