كأن القرآن يتنزل من جديد (موسم 1440/2019 )
يقول الحق تبارك وتعالى :
لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ .هذا موضع عزيز جدا. يفتتح واحدة من قصص الكتاب العزيز. هي في اعتراف التنزيل :أحسن القصص.
والقصص في المستقر من أمر القرآن الكريم خزينة أحكام وخزينة تزكية وخزينة مكتنزة بقواعد العمران.
الآية تتذرع بحزمة مؤكدات متآزرة.
وهذه الحزمة المتآزرة هي :
لقد/وكان.
وهما مؤكدان تفرغا للتحقيق والإثبات .
وخطاب التوكيد في الآية متجاوز الوظائف. إنه طريق لبناء الموثوقية لدى المستهدفين. وطريق لتهدئةالنفوس. وطريق للعطف على التائهين.
يوسف : هنا منهج ككل شخوص الكتاب العزيز.
و يوسف : خزينة واجبة الاستلهام . ويوسف : من غير تقدير محذوف : نموذج للإنسان الكامل. وكماله الإنساني ممكن.
ويوسف مع تقدير محذوف هو خبره أو قصته : نموذج لحياة الرضا في كنف الله. يدور فيها الإنسان المسلم مع قدر الله كل مدار.
وإخوته : مع تقدير غير محذوف : نموذج للإنسان القادر على استنقاذ نفسه من براثن الشر وشباك الشيطان.
وإخوته مع تقدير محذوف هو خبرهم أو قصتهم : مثال لقدرة المجتمع على تجاوز محنته واستقطابه وأطماعه .
وآيات :عظات. والآيات عبر. والآيات منهجيات مبذولة. والآيات حكم بالغة. والآيات مسارات إصلاح. والآيات استراتيجيات تغيير.
الآية الكريمة تعالن بأن الأمة في أمان ما استلهمت قصص كتابها الكريم. وفي عافية ما اقتدت بنماذج كتابها الكريم من القدوات والكملة في طريق طلب التعافي المجتمعي والحضاري.
الآية تعالن بأن الأجيال القادمة تمتلك خزائن مخبوءة وطازجة من قصة يوسف وإخوته. وهي خزائن متنوعة الكنوز. كنوز قادرة على صناعة الوئام العائلي. وقادرة على التهدي للنجاة الفردية والمجتمعية. وقادرة على تجاوز محن الحياة الخاصة والعامة. وقادرة على إدارة المراحل الانتقالية المأزومة أخلاقيا واقتصاديا.
في يوسف وإخوته كنوز لا حدود لما يسكنها من خير لن ينفد ولن تجف أنهاره
الأستاذ الدكتور خالد فهمي
أستاذ علم اللغة بكلية الآداب جامعة المنوفية