الأستاذ الدكتور محمد على صالحين : ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي (الجزء العاشر)




الأستاذ الدكتور محمد على صالحين : ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي  (الجزء العاشر)

خزانة الأديب : 


 ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي (رحمه الله)


• فَضَّلْتُ أن يكون مسكُ الختام في حديثنا عن جوانب من شخصية شيخنا؛ العلّامة الأستاذ الدكتور/ سعيد صوابي-غفر الله له- عن مقام الشيخ وكراماته، وبه أختتم بحول الله سلسلة التباريح المخصصة لأستاذنا الجليل، عليه سحائب الرحمات.
•  كان شيخنُا-على الرغم من تواضعه الجم-ذا مهابةٍ غير متكلفة، ألقى اللهُ تعالى عليه سكينة العبادة، وزانه بوقار العلم، وصدق عليه قولُ القائل: من رآه بداهةً هابة، ومن عاشره مخالطةً: أحبه، فلم تمتعْ مهبتُه محبتَه، ولا تنقص محبتُه من قدره ومكانته!



• كُنا في دروسنا السعيدية الصوابية الخاصة في الطائف-وكانت تُعقد دوريًّا في بيوت تلاميذ الشيخ ومحبيه- نجلس متأهبين، كأن على رؤوسنا الطير، وكان حديثُ الشيخُ دائمًا هادئًا، ليس فيه صخب، عميقًا، ليس فيها سطحية، مُبشرًا، ليس فيه تنفير، مُجمعًا، ليس فيها تفريق، مُؤلِفًا، ليس فيها عنصرية ولا تشتيت، واقعيًّا، ليس فيه خيال، عقلانيًّا، ليس فيه خبال، منطقيًّا، ليس فيه شطحٌ، ولا خرافة!

الأستاذ الدكتور محمد على صالحين : ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي  (الجزء العاشر)

الأستاذ الدكتور محمد على صالحين : ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي  (الجزء العاشر)

الأستاذ الدكتور محمد على صالحين : ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي  (الجزء العاشر)

الأستاذ الدكتور محمد على صالحين : ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي  (الجزء العاشر)

الأستاذ الدكتور محمد على صالحين : ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي  (الجزء العاشر)



• وكانت مكانةُ الشيخ العلمية كلمةَ إجماع؛ من البعيد قبل القريب، ومن المغاير قبل الموافق، أرسل إليه علماء الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية المشرّفة طعونًا صاغها طالبُ علم موتور على صاحب الظلال-رحمه الله- تعدى فيها النقد المنهجي إلى الطعن في دين الرجل وعقيدته، فأملى عليَّ شيخُنا ردًّا علميًّا منصفًا، وضع كل شيء في نصابه، وذبَّ عن الميت في قبره، وأرسلنا التقرير، فتم قبولُه دون مراجعة، وتم تعميمُه هنالك على المتخصصين من طلاب العلم.


• ولمَّا عَلِمَ أهل الطائف بمكانة الشيخ القرآنية: رشّحوه لإمامة التروايح في أكبر مسجدين في المدينة العامرة؛ مسجد سيدنا عبد الله بن عباس؛ الصحابي الجليل-رضي الله عنهما- ومسجد الملك؛ الذي كان يصلي فيها الشيخ الحلواني، وكانت قراءته حذو القذة بالقذة مع قراءة الشيخ الحصري-رحم الله الجميع- فاضطلع الشيخُ الجليل بمَهِمته على خير وجه، وأبهر الجميع بتمكنه التام من فنِّ الأداء القرآني، مع رسوخ قدم، وثبات جنان، وحافظة ألمعية، لا تشوبُها شائبةُ سهوٍ، أو نسيانٍ، أو تلجلجٍ!


• وعن كرامات الشيخ: فحدِّث ولا حرج، فلقد حباه الله تعالى بذكاء فوق العادة، فكان-وهو كفيف النظر- بصيرَ القلب والحواس، ولقد رأيتُه مرارًا، وهو يمارس هويته المفضلة في فك الأجهزة الإلكترونية وتركيبها؛ مستخدمًا المفكات مختلفة المقاسات بكل براعة، يعجز عنها حتى المبصر المتخصص.



• وحدثني-رضي الله عنه-أن مشرفه في الدكتوراه، وهو العلامة الكبير أ.د/ محمد بن شريف، استنهضه قبل رمضان بأيام معدودات، أن ينتهي من طباعة الرسالة؛ ليناقشه بُعيد عطلة عيد الفطر؛ لأنه مسافرٌ في إعارة طويلة إلى جامعة خارج مصر، قال شيخُنا: فاجتهدتُ ما وسعني الاجتهاد، ثم دخل علينا رمضان، فلم أرغب في تقليص عبادتي الخاصة فيه؛ من ختمات قرآنية متعددة، وصلاتي التراويح والتهجد، ودروس العلم، وموائد الإفطار، وكان من كرامة الله لشيخنا أنه استطاع أن يجمع إلى ذلك كله: تدقيق رسالته للعالِمية؛ فصلًا، فصلاً، ودفعها تباعًا إلى الطباعة، ثم التجميع، والتنضيد، والتجليد، وكانت في يد لجنة المناقشة قبل العيد بأسبوع كاملة؛ مما عدَّه الجميع كرامة للشيخ، وبركة في العمر، والعلم معًا!


▪︎ومن كرامات الشيخ: هذه الرؤى المنامية التي رآها أهله ومحبوه وتلامذته، قبل موته بليلة، ثم تواترت الرؤى، وأعظمها بشارة: أن أحد تلاميذه رآه قبل وفاته بليلة واحدة يطوف بالكعبة المشرفة، وقد أُخلي له صحن الطواف، ليس فيه من طائف إلا الشيخ، ولعل تأويلها أنه عند الله أمةٌ وحدَه، من دون الناس، والله أعلم.


• ومن كرامات الشيخ: أن الله حفظ علمه موثقًا، في كتبٍ مطبوعة، وعلى الوسائل التقنية التي بين أيدي الناس، وسأضع بعض الروابط الخاصة بذلك في التلعيقات، وأهمها: ختمة قرآنية مرتلة كاملة؛ بصوت عذب، وأداء شجي، ومهارة عبقرية، وخشوع نادر.
• أسأل الله تعالى أن يتقبل مني شهادتي لشيخي بقبول حسن، وأن يُجملها بالإخلاص، ويُزينها بالنفع، ويختمها بالمثوبة، وأن يغفر لي تقصيري في حقه، وأن يعفو عما طغى به قلمي، أو شت فيه ذهني، أو عزب عن ذاكرتي، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسانٍ.



--------------------------------------------------------
تكملة الذكريات ستتابعونها تباعا على هذا الرابط إن شاء الله



الأستاذ الدكتور محمد علي  صالحين 
    ‏أستاذ مساعد‏ سابق لدى ‏كلية دار العلوم جامعة المنيا‏

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Smartwatch

Random Products