خزانة الأديب :
(وقفات سلوكية في شهر رمضان المبارك ) الشيخ وائل عبد المطلب : حتى لا نفشل
إن الناظر في أحوال الناس اليوم يجد غياب أدب الاختلاف في الرأي لدى الكثيرين إلا من رحم الله فما أن تختلف وجهات النظر حول قضية من القضايا أو وسيلة من الوسائل إلا ويتحول الحوار بسبب الاختلاف في وجهات النظر إلى مشادات كلامية، وتلفظ بألفاظ نابية، أو كتابات وتعليقات لا تليق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض يحمله الاختلاف على انتقاص المخالف وتجريحه وتصيد الأخطاء له وتتبع عثراته والتفتيش في نيته وإساءة الظن به وقد يؤدي الاختلاف في أحيانا كثيرة إلى الفرقة والقطيعة مع أن الاختلاف كان ولا يزال يعيش معنا وينبغي أن نسلم به ونحاول تطويره والانتقال به إلى الحالة الإيجابية وألا يؤدي إلى التنازع والفرقة والقطيعة.
وقد اختلف الصحابة والسلف في قضايا كان لكل منهم فيها اجتهاده الذي يراه صائبا ومع ذلك ظلوا إخوة متحابين، قال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوما في مسألة ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة" فالحر من راعي ساعات الصفاء واللقاء فلا ينقلب صفاؤه إلى شحناء ولا حبه إلى كراهية ولا حسنات الأمس إلى سيئات وحفظ الفضل لأهله فإن حسن العهد من الإيمان وكان محمد بن واسع يقول: لا يبلغ العبد مقام الإحسان حتى يحسن إلى كل من صحبه ولو لساعة" فالحر من راعى وداد لحظة وانتمى لمن أفاده لفظة.
ولاشك أننا جميعا بحاجة إلى مراجعة أدب الاختلاف في الرأي وإحياء روح التسامح والأخوة والألفة والمودة وإصلاح ذات البين وعدم التنازع حتى لا نفشل وتذهب ريحنا يقول الله تعالى:
"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " الأنفال 46
ويجب أن يكون الوصول للصواب هو الهدف المنشود الذي يبغي المختلفون الوصول إليه لا أن يكون الاختلاف لمجرد الاختلاف أو اتباع للهوى أو حظ للنفس، أو رغبة في الشقاق، ولا يمنع الاختلاف وتباين الآراء طرفا من الأخذ بما يراه حسنا عند الطرف الآخر فالحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها؛وقد روي أن الإمام أبا حنيفة- كان في بدء أمره متكلما نظَّارًا رأى ولده حمادًا يناظر في المسجد فنهاه، فقال له ولده: أما كنت تناظر؟! قال:"بلى، ولكن كنا كأن على رؤوسنا الطير من أن يخرج الباطل على لسان الخصم، بل كنا نود أن يخرج الحق على لسانه فنتبعه، فإذا كنتم كذلك فنعم".
======================================
(وقفات سلوكية في شهر رمضان المبارك ) الشيخ وائل عبد المطلب : حتى لا نفشل